اللوحة الأولى


اللوحة الأولى

المسرح منقسم لحجرتين على مستويين..الأول مرتفع عبارة عن حجرة معيشة أنيقة ..مليئة بصور فنية لحسنة ،سيدة في منتصف الأربعين..الحجرة الثانية مكتب ويكون في المستوى الأسفل ومبالغ في ديكوره.
يضاء المستوى الثاني-غرفة المعيشة- و حسنة ممددة فوق (شيزلونج) تبدوجميلة أنيقة، بين الحين والحين تنظر إلى صورها وتتنهد، بينما تتصفح مجلة فنية في يدها .. يرن التليفون ..تُضاء بقعة خلفية-كخيال الظل- تظهر فيها الصحفية التي تحدثها ويُسمع صوتها فقط ( لا تظهر على المسرح  ¬)

الصحفية    :      مساء الخير يا مدام .. قصدي يا آنسه حسنة .. معاكي نهال من جريدة التواصل الدولية.
حسنة :      أهلا أهلا يا حبيبتي إزيك يا روحي .. لأ لأ زعلانه منك .. فين الدلع اللي قلتي هتدلعهولى ،شهر بحاله فاتحه المكتب .. وانت ولا حس ولا خبر.
الصحفية    :      بس كده ده أنا عينيه و عيون رئيس التحرير كمان ليكي.
حسنة :      أيوه أيوه إضحكي عليّ تاني .. بقولك ايه شوية دلع بقى من بتوعكم  .. مش عاوزه أزعل منك .. هه ولا إيه؟
الصحفية    :      و أنا أقدر على زعلك بس بدور على مدخل علشان فكرة إنك صاحبة المشروع ده يعني!!
حسنة :      ايه يعني  .. هو أنا فتحت كباريه .. ده مكتب لحل العلاقات الزوجية .. يوه ... قصدي المشاكل الزوجية.
الصحفية    :      ايوه بس مكتب زي ده عاوز خبرة و ........
حسنة :      خبرة !! الخبرة موجودة يا حبيبتي .. وهي الخبرة محتاجه جواز .. ثم أنا  مكنتش ناقصه رجاله .. قُطعوا ولا واحد فيهم فكر – ضحكة عالية- .
الصحفية    :      - ضاحكة – إيه فكر في إيه هه ؟
حسنة :      يا أبيحه قصدى فكر يتجوزني .. يالله ماتفكرينيش المهم  لمعيني بقى و شوفي صاحبتك هيام شوالمذيعه بتاعة الفضاحيات قصدى الفضائيات اياها ..كام حلقه كده و هتمشي.
الصحفية    :      المهم لما تمشي و تجري معاكي ما تنسيناش.
حسنة :      طبعا يا حبيبتي مش هنسى ،سي يو يا روحي مع السلامة يا حياتي.
الصحفية    :      مع السلامة يا قمر(بسخرية) يا أحلى أستاذة.
 (تضع حسنة السماعة و ينطفئ الضوء عن الصحفية)
حسنة :      جاتك داهية حشرية.. ماتفوتيش حاجه..وكلاها والعة
(تضغط على جرس تدخل السكرتيرة دلال )
دلال  :      أيوه يا أبلتي .. يوه يقطعني.. نعم يا مدام ... قصدي يا أستاذه .. والنبي ما تزعلي .. قوام هتعلم احنا كنا فين.
حسنة :      في كباريه و حياة أمك ،وعاوزين ننسى بقى ،اسمي دلوقتي الأستاذة حسنة..أستاذة يا ستوبيد ( تنطقها بثقل يدل على عدم معرفتها للإنجليزية و قلة الثقافة ) مفيش حد جه برضه؟
دلال  :      لأ و النبي .. مع إن البلد مفرقعة مشاكل ،طب ده امبارح الواد جمال المكوجي ضرب مراته حتة علقه ملهلبه و .....
حسنة :      أنت هترغي معايا .. مالي و جيرانك الكحيانين دول .. أنا يا بت نفسي في زباين مريشه مرقده.
دلال  :      شويه شويه تقولي زباين بياضه.
حسنة :      و ماله لما يبيضوا دهب .. أصل انت مش فاهمه .. زمان كانت الست تتخانق تروح لابوها .. أخوها .. عمها ..خالها يحل لها المشكلة دلوقت محدش فاضي لحد .. بقت المكاتب دي  للمشاكل دي( تطرقع بأصابعها مثل العوالم ) و يدفعوا بقى 20 جنيه استمارة .. 5 جنيه متابعة و 10 جنيه للجلسة الحلوه يوه قصدى الزيارة.
دلال  :      لكن لا مؤاخذة يعني يا أبلـ... يا أستاذة .. أنت كنت رقاصة .. و أنا أعرف انك بتقري و تكتبي بس يعني لا شهادة و لا غيره.
حسنة :      إخرسي .. أنا ساقطه إعدادية ..( بشكل تمثيلى) حبي للرقص خلاني أهرب من المدرسة وآخد موقف من التعليم.. و بعدين العلم في الراس ياختي .. و بعدين ما هو أنت أهو اللبيسة بتاعتي ،يعني بتوضبي الهدوم .. تكويها و تلبسيني و تقلعيني .
دلال  :      ( تهمس ) أنا كنت بلبس بس .. القلع ده مهمة ناس تانية .
حسنة :      بتقولي ايه!!
دلال  :      ولا حاجه بقولك أيوه .. أيوة و بعدين .
حسنة       :      وأديكي أهو سكرتيرة تدخلي ناس و تخرجي ناس وتكتبي إسمهم في الكشوف.
دلال  :      والنبي ما حصل .
حسنة :      هيحصل يا بلوه هيحصل .. أنا عاوزه أقولك كله بالعلام و تفتيح الراس دي الحكومة نفسها يا بت ماشيه بالفهلوه .. اشمعنى الرقاصات إيه كُخه ؟!
دلال  :      على رأيك .. و هي أمي كانت متعلمه .. لما كانت بتحل مشاكل الجيران في الحارة ؟  وحياتك يا أبلتي دي كانت دايه و مصلحه و خاطبه و كل حاجه ممكن تجيب فلوس .. آه والله كده و من غير علام.
حسنة :      بقولك إيه ركزي معايا و بلاش حكايات أمك و أبوك .. ال500 جند بتوع البت نهلة الصحفية لو منزلتش الأسبوع ده موضوع عن مكتبنا و لا خبر حتى .. ينقطعوا عنها أنا مش فاتحها سبيل يا عنيه .. آه فاهمه.
دلال  :      مش قلنا هنبطل الكلام ده يا أستاذه .. اسمهم 500 جنيه فئط لا غير و خط ( تتقصع و هي تقولها )
(يضحكان ضحكات رقيعة ثم تعود حسنة لجلستها و تسرح في الفضاء أمامها)
حسنة :      نفسي في كام موضوع في الجرنال ،على كام حلقة في التليفزيون وأنا بتكلم في حل المشاكل اللي أنا حلتها والناس تتكلم عني و تتصل بيّه .
(دلال تتحرك حركات ضاحكة تدل على خيبة الأمل )
حسنة :      ( تفيق ) إشمعنى إلهام من يوم ما بطلت تمثيل وهي كل يوم في التليفزيون برامج وحوارات ،غيرالبرنامج بتاعها ،قال إيه بتحل مشاكل على الهوا .. تعرفي إلهام دي كانت لبيسه و شافها مخرج عجبته ،لِونه و حِلوه .. راح عاملها بطلة و من يومها طلعت زي الصاروخ .. و بعدين طلع موضوع الاعتزال ده في دماغها .. و فيه ناس بتقول ده تدبير نجوى فريد وأبوها ما هو راجل إيده طايله، عملوا لها البرنامج اللي شفتيه في القناة بتاعته ،أهي تتلهي فيه، وجوزوها لرجل الأعمال إيّاه بتاع فضيحة الفراخ المشهورة .. علشان يبعدها عن طريق بنته .. ومن يومها وهي إتغير حالها .. بس لو يفتحوا معايا. 
دلال :      مين دول يا أستاذة ؟
حسنة :      الصحفيين يا بلوه .. وبتوع التليفزيون.
دلال  :      و كان عليكي بايه يا أبلتي .. مش الرقص كان بيجيب قرش أحسن من المكتب ده.
حسنة :      ما خلاص يا بت هو أنا هقعد أرقص لغاية إمتى .. لازم هوقف في يوم .. ولازم أفكر في مشروع ،أمال هاكل واشرب واتعالج منين ، ودي أحسن فكرة ، يا ريتني فوقت من بدري، اللي زيّنا قرشها بيخلص مع جمالها وهزة وسطها .. و بعدين ليه الغم منك لله .. ولسه يا بت لما المشروع يمشي أكتر.
(دلال تحرك يديها دليل على ميلة البخت بحركات ضاحكة)
دلال  :      لسه ايه؟
حسنة :      هفتح فرع للجواز وفرع للخلع .
دلال  :      هتشتغلي محامي كمان .. ما شاء الله ما شاء الله.
حسنة :      والله ما حد هيوديني في داهيه غيرك .. إنت ايه مبتفهميش .. أشتغل محاميه إزاي وأنا يدوب إعدادية.
دلال  :      ساقطه يا ست .. قصدي يا أبلتي .. يوووه بقى.
حسنة       :      حسّني ملافظك وإياكِ حد يعرف والا إنت عارفه هعمل فيك ايه.
دلال :      ( محدثة نفسها بينما حسنة تبحث عن أوراق فى شنطة بجوارها)
أمال لو عِرفت إنى معايا دبلوم زراعة كانت عملت إيه .. صحيح أبويا دبح البطتين والكام فرخة ، للجنة المراقبة اللى كانوا بيدخلولى الإجابات .. لكن معايا دبلوم وهى ساقطة إعدادية
حسنة :      إنت بتهلفطى تقولى إيه .. تعالى خدى اليافطة دى(ترفع حسنة لافتة مكتوبا عليها بخط عريض وكبير (لايدوم إلا صداقة المرأه للمرأه)
دلال  :      أعمل فيها إيه ياأستاذة .
حسنة :      علقيها على مدخل الشقة ولا أقول  ِلك على باب مكتبى
دلال  :      وأشيل بتاعة ياناس ياشر.
حسنة       :      آه .. دا الحسد مذكور طيب خلى بتاعة الحسد على باب الشقة، علشان تمنعه من على العتبة من إيه.. على .. العتبة .. علشان إيه العتبة جزاز .. والسلم إيه .. نايلو فى نايلو.
( تبدأ حسنة فى هز وسطها بطريقه عشوائيه وهى جالسة ثم تطبل دلال لها على المنضدة فتقف حسنة وترقص – وتتوقف دلال فجأة .
دلال  :      لكن يعنى إيه مابتدومش إلا صحوبية الست للست ؟
حسنة       :      المرأة ..المرأة ،إيه مش بتعرفي تقرى ؟
دلال :      أهو كله حريم وستات أحلى ،المهم المفيد .. يعنى معناة الكلام ده إيه ؟
حسنة       :      دى حكمة علشان الستات تفضفض براحتها ،يعنى يتبحبحوا كده ..أقوم أعرف أحل المشاكل بتاعتهم .
دلال  :      آه ودي مين اللى قالها ؟
حسنة       :      أكيد واحدة ست مالقيتش راجل يبص فى خلقتها.. وخدي دي كمان (لافتة مكتوب عليها: البنت زى الولد) .. وقبل ما تفتحي بقك دى حكمة قالتها سعاد حسنى.. ومش عاوزة ولا كلمة.
دلال  :      بالمناسبه يا أبلتى هوإنتِ يعنى لا مؤاخذة ،متجوزتيش ليه مع إنك دنيارة عن حق .
حسنة       :      - مرتبكة – ده موقف .
دلال  :      ( ببلاهة ) هه..هى كل حياتك مواقف ، عدم شهرتك موقف .. الجواز موقف.. الشهادة موقف .. وأحمد حلمى موقف ( تتمايل رقصاً )عبود .. عبود .. واحد عتبه هأ هأ هاااى.
حسنة       :      ما هى الحياة مواقف .. زي موقفي إللي هعمله معاكى دلوقتي – تمد يديها لتخنقها ..( يرن جرس الباب .. دلال تهتف منفلتة من تحت يديها )
دلال  :      زبون .. زبون يا أبلتى .. يا أستاذة ..ياااارب ( وتفر منها جرياً ناحية الباب )
إظلام